بعد عام في السلطة، أنجز حزب العمال البريطاني مراجعة للإنفاق ونشر استراتيجيات للبنية التحتية والصناعة، مع خطة للتجارة متوقعة قريبًا.
ومع ذلك، تبقى الأسواق غير مقتنعة بوجود خطة فعالة لرفع الإنتاجية على المدى الطويل، وسط شكوك في مدى قدرة هذه الاستراتيجية المجزأة على التصدي للتحديات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد البريطاني.
وقال تحليل نشرته مجلة “الإيكونوميست” إنه قبل يومين، نشرت الحكومة البريطانية برئاسة كير ستارمر خطة من 160 صفحة بعنوان الاستراتيجية الصناعية. وتشمل الخطة قطاعات متعددة وتزخر بمراكز تمويل وتسريع، ويقول الوزراء إنها ستدعم الاقتصاد، وتسرّع إزالة الكربون، وتعزز المدن خارج لندن، وتزيد من مرونة الدولة. لكن التجارب السابقة تدعو إلى بعض التشكيك، بحسب تحليل المجلة.
فبعد أن فقدت بريقها في الثمانينيات بسبب فشلها في دعم كيانات حكومية خاسرة مثل شركة British Leyland، عادت السياسة الصناعية للواجهة مدفوعة بتغير المناخ والحمائية العالمية وتوترات سلاسل الإمداد.
ويدّعي مؤيدو النسخة الحديثة من السياسة الصناعية أنهم تعلموا من الماضي، فهي الآن تدور حول تحديد القطاعات الواعدة ومساعدتها على النمو، وليس تقديم الهبات، لكن المنتقدين يرون أن السياسيين ما زالوا يفضلون إنفاق المال ويقعون بسهولة تحت تأثير جماعات الضغط وغالبًا ما يكونون سيئي التقدير في اختيار التقنيات أو الشركات الناجحة.
استراتيجية سابقة
وخطة حزب العمال الحالية مستوحاة من استراتيجية سابقة لحزب المحافظين في عام 2017، والتي تم التخلي عنها لاحقًا. ويزعم حزب العمال أن سياسته لا تتبع أسلوب الدولة المتدخلة بشكل مفرط، بل تسعى لتحقيق توازن بين التدخل والانسحاب، كما أنها تختلف عن خطة رفع المستوى التي أطلقها بوريس جونسون، حيث تركز على المدن الكبرى ومراكز الابتكار لا على البلدات الصناعية السابقة.
ولم تحدد الحكومة حجم الإنفاق، لكن التحليل يُظهر أن المخصصات الجديدة متواضعة وتبلغ نحو 15 مليار جنيه خلال خمس سنوات أي ما يعادل 0.1% فقط من الناتج المحلي سنويًا. ولتحقيق نتائج ملموسة، تعوّل الخطة على جذب الاستثمارات الخاصة من خلال معالجة مشاكل مثل ارتفاع تكاليف الطاقة وتعقيد التخطيط العمراني والقيود التنظيمية.
ثمانية قطاعات
وتغطي الاستراتيجية ثمانية قطاعات تمثل نحو ثلث الاقتصاد البريطاني هي التصنيع المتقدم، الطاقة النظيفة، الصناعات الإبداعية، الدفاع، التكنولوجيا الرقمية، الخدمات المالية، علوم الحياة، والخدمات المهنية. ويرى الوزراء أن هذه القطاعات تحمل أعلى إمكانيات النمو، لكن هذا المزيج يبدو متباينًا ويطرح تساؤلات حول جدوى التركيز الضيق.
وتعاني معظم هذه القطاعات من اعتمادها الكبير على الجامعات والهجرة، في حين لم تقدم الحكومة أي خطة لدعم قطاع التعليم العالي، بل أضعفت نماذج التمويل الجامعي من خلال تقليص عدد الطلاب الدوليين. وهناك مبادرة لتشكيل فريق جذب المواهب العالمية لكنه يعتمد على مسارات التأشيرات القائمة ويمتلك تمويلًا محدودًا.
تتضمن الخطة مبادرات متفرقة مثل 18 مليون جنيه لمركز ابتكار الطاقة النظيفة في فيلكستو، و9.7 مليون جنيه لتدريب البطاريات في نيوكاسل، و150 مليونًا لصندوق دعم الصناعات الإبداعية موزعة على عدة مناطق. مثل هذه المشاريع تُرضي النواب وجماعات الأعمال لكنها تفتقر إلى تأثير اقتصادي واسع، إذ تشير الدراسات إلى أن فوائد السياسات الصناعية على الإنتاجية تبقى محدودة، خصوصًا في قطاعات مثل السينما التي لا تعاني من نقص في الدعم أصلًا.
وكان هناك إجراء أكثر وضوحًا في ملف تكاليف الكهرباء الصناعية التي ارتفعت بشكل حاد في بريطانيا وأثّرت على قطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الصلب والزجاج. وابتداءً من 2027 ستُمنح إعفاءات لحوالي 7 آلاف شركة، ما يخفض الفواتير بنحو الربع، لكن من سيتحمل كلفة هذا الدعم لا يزال غير معروف.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز