حين غادر نجم بحجم ترينت ألكسندر أرنولد، لم يلتفت ليفربول كثيرًا إلى الوراء، إذ تحرك النادي سريعًا لمعالجة الجبهة اليمنى، فكان التعاقد مع الهولندي المتألق جيريمي فريمبونج إعلانًا واضحًا عن بداية مرحلة جديدة.
ومع اكتمال هذا التحول على الجانب الأيمن، يبدو أن الأنظار تتجه الآن إلى الضفة اليسرى، حيث يلوح في الأفق اسم قد يشكل مستقبل “الريدز” في هذا المركز الحساس.
أندي روبرتسون، المقاتل الإسكتلندي الذي شق طريقه من هال سيتي إلى قلوب جماهير آنفيلد، يواجه اليوم تحديًا من نوع مختلف.
فالأمر لم يعد مجرد دفاع عن مركز أساسي، بل منافسة حقيقية مع لاعب يصغره بعشر سنوات، ويملك طاقة بدنية انفجارية جعلته ينفذ 845 انطلاقة في موسم واحد فقط. نتحدث هنا عن ميلوش كيركيز، الظهير المجري الشاب القادم من بورنموث، والذي يبدو أنه أكثر من مجرد موهبة واعدة، بل مشروع جاهز لصناعة الفارق فورًا.
في موسم 2024-2025، خاض كيركيز 33 مباراة مع بورنموث سجل خلالها هدفين وصنع خمسة في الدوري.
ورغم أن الأرقام تبدو جيدة بحد ذاتها، إلا أن قيمته الحقيقية تظهر عند النظر إلى التفاصيل الدقيقة، فهو أكثر مدافع تحت 21 عامًا مشاركةً في دقائق اللعب بالبريميرليج، وواحد من ستة لاعبين فقط بدأوا كل مباريات الموسم.
وفي مباراة استثنائية أمام مانشستر سيتي، أبهر المتابعين حين تجاوز فيل فودين بمهارة وصنع هدفين من الجهة اليسرى، في مشهد يعكس مزيجًا نادرًا من الجرأة الهجومية والانضباط الدفاعي.
ما يعزّز من حظوظه هو صلابته في المواجهات الفردية، إذ بلغت نسبة نجاحه في التدخلات الحقيقية 66.7%، متفوقًا بذلك على روبرتسون وترينت.
كما شهدت مؤشراته الدفاعية الأخرى تطورًا لافتًا، حيث ارتفعت اعتراضاته من 0.9 إلى 1.2 في المباراة، واستعاد الكرة بمعدل 4.6 مرة كل 90 دقيقة.
صحيح أن دقة تمريراته تقف عند 80.4% فقط، مقارنة بـ88% لروبرتسون و91.1% لتسيميكاس، لكن هذا الرقم يجب أن يُقرأ في سياق أسلوب بورنموث السريع القائم على التحولات، وليس كضعف فني بالضرورة. اللافت أن 58.8% من تمريراته الناجحة جاءت في نصف ملعب الخصم، ما يعكس نزعته الهجومية الواضحة.
كيركيز يُعد أحد أكثر اللاعبين نشاطًا من دون كرة، إذ نفذ 66 “أوفرلاب” و52 “أندرلاب” خلال الموسم، وهو رقم لم يتجاوزه أحد في البريميرليج.
هذه القدرات البدنية والانفجارات المستمرة على الطرف الأيسر تتماشى تمامًا مع أسلوب المدرب الجديد أرني سلوت، الذي يطلب من ظهيريْه دورًا ديناميكيًا يرتكز على الدوران حول الجناحين وتوسيع رقعة اللعب.
ورغم هذه المميزات، لا يخلو أداء كيركيز من بعض الجوانب التي يمكن تحسينها، أبرزها دقة التمرير والانسجام مع أسلوب ليفربول القائم على السيطرة والاستحواذ. لكنه لاعب يملك وعيًا ذاتيًا ورغبة واضحة في التطور، كما قال في تصريح سابق: “في الموسم الماضي، تعلمت ألا أُغفل التفاصيل الدفاعية. الآن أبقى مركزًا طوال المباراة. أحب التنافس، لكن الدفاع أولًا”.
إذا تمت الصفقة، فإن ليفربول سيكون على موعد مع انتقال سلس بين جيلين في الجبهة اليسرى.
قد لا يبدأ كيركيز الموسم أساسيًا في ظل استمرار روبرتسون، لكن فكرة المداورة، والمنافسة، والتطوير التدريجي، قد تمنح “الريدز” مزيجًا مثاليًا بين ثبات المحارب وحيوية المنطلق. وفي عمر 21 عامًا، ومع متوسط 3.9 تقدمات طولية للكرة كل 90 دقيقة، و132 عرضية مفتوحة في موسم واحد، فإن كيركيز لا يطرق أبواب الكبار فحسب، بل يدفعها بقوة.