زمن الهروب من القيادة.. هل فقد منصب المدير التنفيذي بريقه؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!



في عالم الإدارة العليا، برزت فئة نادرة تُعرف بـ”الرؤساء التنفيذيين المتسلسلين” الذين يقودون شركات متعددة بسجل حافل وطموح متجدد، لكن هذه الفئة في طريقها للانقراض.

في عالم القيادة التنفيذية، تتعدد أنماط القيادة: فبعض المديرين يفضلون الاستقرار في شركة واحدة لسنوات طويلة، بينما يكتفي آخرون بتجربة قيادية قصيرة. لكن هناك فئة استثنائية تُعرف بـ”الرؤساء التنفيذيين المتسلسلين”، وهم قادة طموحون يتنقلون بين الشركات كالمحترفين، محولين كل تجربة إلى فرصة لبناء إرث جديد.

اليوم، يشير تقرير صحيفة فايننشال تايمز إلى أن هذه الفئة النادرة في طريقها إلى الاختفاء.

وضمن التقرير، قدمت الصحيفة أحد النماذج كمثال، وهو لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي الذي عكس هذا النموذج التقليدي الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي بشكل متسلسل متنقلا لأداء مهامه من شركة لأخرى بهذا المنصب.

وتعيينه هذا الأسبوع رئيسًا لشركة كيرينغ، الشركة المصنعة للسلع الفاخرة، يمثل المرة السادسة على الأقل التي يتولى فيها أعلى منصب في شركة خلال مسيرته المهنية.

ويسعى هذا الرجل، البالغ من العمر 58 عامًا، والذي يصف نفسه بأنه شغوف بالسيارات، والذي قاد شركتي فيات وألفا روميو قبل توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة رينو، الآن إلى استغلال خبراته في التحول لإحياء محفظة أعمال تشمل علامتي غوتشي وسان لوران.

وهنا، لم تستخدم الصحيفة لوكا دي ميو كنموذج بسبب قراره بمغادرة شركة صناعة السيارات الفرنسية وانتقاله من قطاع صناعي إلى آخر مختلف تماما، بل لأن تنقل الرؤساء التنفيذيين من شركة لأخرى لتولي نفس المنصب أصبح أمر نادر.

مبدأ المرة الواحدة

وتقول الصحيفة، أن العديد من نظراء دي ميو يختارون الآن نهجًا يعتمد على مبدأ “المرة الواحدة” في تولي منصب الرئيس التنفيذي بشركة بعينها، فهم يريدون التقدير والمكافآت التي يحصلون عليها عند بلوغ قمة مهنتهم، لكنهم يريدون أيضًا تجنب مخاطر البدء من جديد مرارًا وتكرارًا في نفس المنصب بإمكان مختلفة.

وخارج قطاع التكنولوجيا، يُعد الرئيس التنفيذي المتسلسل أو المتنقل نموذجا أصبح نادرا الآن ، والدافع لاختيار الشركات لرئيس تنفيذي كان يتولى المنصب نفسه في شركة أخرى، أنه ينظر إليه على أنه القائد الذي يتنقل بين الشركات أو القطاعات، ويُقدّر في السابق لمهاراته الإدارية القابلة للتحويل ومنظوره المتجدد.

لا تزال هناك أمثلة أخرى على هذا النموذج- فقد قاد دارا خسروشاهي، الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، شركة إكسبيديا لمدة 12 عامًا قبل أن يتولى المنصب نفسه في شركة التكنولوجيا، كما شغل برايان نيكول، الرئيس التنفيذي لشركة ستاربكس، سابقًا المنصب الأعلى في شركتي شيبوتلي وتاكو بيل.

ولكن في العام الماضي، كان 85% – 187 من أصل 220 – من الرؤساء التنفيذيين الجدد عبر 13 مؤشرًا عالميًا لأسواق الأسهم، مرشحين يشغلون المنصب الأعلى لأول مرة، وفقًا لشركة البحث التنفيذي راسل رينولدز أسوشيتس.

وارتفع هذا العدد منذ عام 2018، ويمثل السنة السابعة على التوالي التي يشكل فيها الرؤساء التنفيذيون ذوو الخبرة أقلية من التعيينات.

وتقول لورا ساندرسون، الرئيسة المشاركة لأوروبا والشرق الأوسط والهند في راسل رينولدز، “غالبًا ما تطلب مجالس الإدارة رئيسًا تنفيذيًا متمرسًا، ولكن في الممارسة العملية، تشير البيانات إلى أن معظمهم يعينون أشخاصًا لأول مرة، إما عن قصد أو ضرورة”.

نموذج الرئيس التنفيذي المتنقل أصبح أقل شيوعاً

قرار جماعي بالتقاعد

في الوقت نفسه، تقول المؤشرات، أن ما يقرب من ثلث الرؤساء التنفيذيين المغادرين في عام 2024 قرروا التقاعد من المناصب التنفيذية تمامًا، مشيرين في كثير من الأحيان إلى الضغط الشديد والتدقيق الذي يصاحب المنصب الآن.

وبالنسبة للكثيرين، كان أول منصب لهم كرئيس تنفيذي هو الأخير أيضًا.

وتضيف لورا ساندرسون، أنه “من المرجح أن يعكس انخفاض عدد الرؤساء التنفيذيين المتنقلين طبيعة الدور اليوم، إنه ضغط عالي ومخاطر عالية وعرضة للتدقيق بشكل مكشوف للغاية، إن طريق التقاعد مع الحفاظ على السمعة سليمة أصبح احتمال ضيق الفرص، وبالنسبة للعديد من القادة، أصبحت مرة واحدة تكفي”.

ويضاف إلى متطلبات الوظيفة الأكثر صعوبة ضغوطات أخرى – حيث أصبح متوسط مدة ولاية الرئيس التنفيذي أقصر، وبلغ معدل دوران الرؤساء التنفيذيين مستوى قياسيًا في عام 2024 قبل أن يتراجع هذا العام.

ووجد راسل رينولدز أن عددًا قياسيًا من الرؤساء التنفيذيين المغادرين العام الماضي كانوا في الوظيفة لأقل من ثلاث سنوات.

وعبّر أحد الرؤساء التنفيذيين البريطانيين لشركة مدرجة في البورصة عن هذا الشعور، قائلاً لصحيفة فاينانشال تايمز، “بعد هذه الوظيفة، اشعر بأنني اكتفيت، إنها مُرضية للغاية، لكنها تُرهقك تمامًا، لا يُمكنني بأي حال من الأحوال أن أتولى منصب الرئيس التنفيذي مرة أخرى.”

تعزيز مصادر الكفاءة

ومع قلة الرؤساء التنفيذيين ذوي الخبرة المتاحة، سعت الشركات في السنوات الأخيرة إلى تعزيز مصادر كفاءاتها لتتيح لها خيارات أوسع من المرشحين الداخليين للترقية في المستقبل.

على سبيل المثال، منحت مجموعة يونيليفر البريطانية للسلع الاستهلاكية هذا العام مديرها المالي السابق، فرناندو فرنانديز، منصب الرئيس التنفيذي.

ويُعدّ الاعتماد على المطلعين الداخليين إحدى الطرق لتقليل المخاطر، وضبط تكاليف التوظيف، وتبسيط عملية الخلافة.

كما أن هناك المزيد من الرؤساء التنفيذيين “الصاعدين”، الذين يأتون من مناصب مثل رئيس العمليات، أو المدير المالي، أو الرئيس الإقليمي في شركات أخرى، على سبيل المثال، كان أنطونيو سيمويس، من شركة ليغال آند جنرال، الرئيس الإقليمي لأوروبا سابقًا في بنكو سانتاندير.

ولطالما كان دور الرئيس التنفيذي صعبًا، لكن شركات توظيف الكفاءات تقول إن اضطرابات السنوات الأخيرة جعلته أكثر صعوبةً وتقلبًا – بدءًا من الجائحة، وحرب أوكرانيا، وتجدد الصراع في الشرق الأوسط، وصولًا إلى التحديات الاقتصادية الأوسع نطاقًا والكوارث المناخية.

ويواجه المديرون التنفيذيون الذين يتولون أعلى المناصب الآن تحديات أخرى أيضًا، مثل صعود الذكاء الاصطناعي وتزايد الضغوط من المساهمين النشطين.

وتزايد الحساسيات السياسية داخل أماكن العمل وزيادة بروز القادة يعنيان تقلص هامش الخطأ، وخطوة خاطئة واحدة، مثل تعليق خاطئ حول قضية اجتماعية أو سياسية، من المرجح أن تُشعل عاصفةً من الهجوم على السمعة.

ووجد تقرير حديث صادر عن ميلتاون بارتنرز ورابطة رؤساء الأركان، والذي استطلع آراء أكثر من 250 رئيسًا تنفيذي حول العالم، أن “قادة اليوم أصبحوا رؤساء تنفيذيين “في كل شيء، في كل مكان، دفعةً واحدة”.

aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز FR



‫0 تعليق

اترك تعليقاً