تحولت الحوالات المالية الخارجية إلى سلاح مهم بيد البنك المركزي اليمني في عدن للسيطرة على القطاع المصرفي وتحيد تهديدات مليشيات الحوثي.
واكتسب هذا السلاح المتمثل في الحوالات المالية الخارجية أهمية كبيرة، عقب إعلان تصنيف الولايات المتحدة لمليشيات الحوثي “منظمةً إرهابيةً دولية”، الأمر الذي قيّد عملية التحويل المالي إلى البنوك العاملة في مناطق سيطرة المليشيات، بعد العقوبات الأمريكية على عددٍ من البنوك المتعاملة مع الحوثيين.
الأمر الذي مكّن البنك المركزي اليمني، المركز الرئيسي في عدن من إمكانية قيامه بسحب البساط من تحت الحوثي، فيما يتعلق بالحوالات المالية من المغتربين اليمنيين في الخارج.
مبالغ ضخمة
ساهمت تحويلات المغتربين في إبقاء دورة الاقتصاد خلال حرب الحوثي، حيث مثلت المصدر الوحيد للدخل لمئات آلاف الأسر التي باتت تعتمد بشكل رئيسي على ما يتم تحويله لها من أبنائها المغتربين.
وبحسب أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن الدكتور سامي نعمان، فإن حجم تحويلات المغتربين اليمنيين في الخارج إلى اليمن يبلغ، وفقًا لتقديرات رسمية، 4,3 مليارات دولار وبعض الخبراء يقدرونها بأكثر من ذلك.
وأضاف نعمان في تصريحٍ خاص لـ”العين الإخبارية” أن أغلب هذه التحويلات تعود لمغتربين في مناطق سيطرة الحوثيين، وتمثل جزءًا كبيرًا من حجم الواردات من العملات الصعبة، خصوصًا مع ارتفاع حجم العجز في الميزان التجاري.
القدرة على التحكم
وتابع نعمان: “ورغم أن جزءًا لا يستهان به من هذه التحويلات تتم عبر طرق غير رسمية إلا أن الجزء الأكبر تتم عبر قنوات رسمية يمكن للبنك المركزي اليمني في عدن التحكم فيها”.
وأشار إلى أن هذا التحكم يمكن أن يتحقق إذا تحكم “مركزي عدن” في أدواته وطبّق قراراته فيما يخص نقل المراكز المالية إلى العاصمة المؤقتة عدن، وفعّل أدوات الرقابة، كما أن أغلب القنوات غير الرسمية أيضًا تمر عبر مناطق الشرعية، سواءً تهريبا أو عبر عمليات مصرفية غير خاضعة للرقابة.
وواصل: “وبالتالي يمكن للبنك المركزي إيقاف هذه التحويلات إلى مناطق سيطرة الحوثيين أو فرض رقابة عليها، أو على الأقل اشتراط المصارفة بالعملة المحلية في مناطق سيطرة الشرعية”.
واستطرد الدكتور سامي نعمان مختتمًا تصريحه: “لكن ذلك سيؤثر على غير المغتربين الذين يعتمدون على تلك الحوالات، كما أنها قد تدفع المغتربين إلى تخفيض حجم الحوالات، وبالتالي يجب اتباع إجراءات موازنة بين مصلحة الاقتصاد ومصلحة المواطنين”.
لم يبقَ سوى البنوك
وكان محافظ البنك المركزي اليمني بعدن أحمد غالب المعبقي، قال إن سعر الصرف في مناطق سيطرة الحوثيين “وهمي ومفروض بالقوة”، موضحًا أن ندرة الأوراق النقدية وتلفها أدى إلى تداولها بالوزن بدلا عن العد.
لافتًا إلى أن الفصل بين العملتين أدى إلى نشوء “اقتصادين مختلفين” في البلاد، أحدهما حر والآخر ثابت، مما عمّق من حدة الانقسام المالي والاقتصادي.
وقال المحافظ إن استهداف الحوثيين لمرافئ تصدير النفط أفقد الحكومة اليمنية نحو 70 إلى 80 % من مواردها، مؤكدًا أن البنية التحتية الاقتصادية للبلاد قد انهارت، ولم يتبق سوى البنوك، التي وصفها بأنها “ما تبقى من أعمدة الاقتصاد الوطني”.
وكشف المحافظ أن المودعين في البنوك التجارية بصنعاء لا يستطيعون سحب ودائعهم بحرية، مبينًا أن بعض المودعين لا يحصلون سوى على 100 ألف أو 200 ألف ريال شهريا، رغم امتلاكهم ملايين الريالات؛ مما يؤدي أحيانا إلى عجزهم عن تلقي العلاج.
وطالب المعبقي مليشيات الحوثي بـ”تقدير وضع البلد والمواطن، ورأس المال الوطني، ووضع البنوك”، مؤكدًا أن البنك المركزي لا يملك أي نية للتصعيد، بل يسعى فقط للحفاظ على البنوك كعنصر حيوي في بقاء الاقتصاد.
aXA6IDUxLjkxLjIyNC4xNDQg جزيرة ام اند امز