على ضفاف التاريخ الاقتصادي لمصر، يسطع اسم البنك الأهلي المصري، كأقدم وأكبر مؤسسة مصرفية، فلم يكن مجرد بنك، بل كان شريكًا حقيقيًا للدولة في جميع تحولاتها الكبرى.
البنك الأهلي المصري وُلد كبيرًا
في 25 يونيو 1898، وضع حجر الأساس لأول مؤسسة مصرفية كبرى في مصر، بموجب أمر عال من الخديوي عباس حلمي الثاني، إذ ولد البنك الأهلي في زمن كانت فيه البلاد تبحث عن أدوات النهضة، ليصبح أول بنك إصدار في مصر.
وكان أول مقر للبنك الأهلي المصري يقع في قلب القاهرة الخديوية، وتحديدًا بشارع محمد فريد، أحد أهم شوارع العاصمة في ذلك الوقت.
وتولى البنك آنذاك مهام إصدار البنكنوت وتنظيم الحسابات، ومنح القروض للحكومة والمنشآت العامة في خطوة كانت بمثابة ولادة جديدة للقطاع المصرفي المصري.
الريادة في إصدار العملة الورقية
مع مطلع عام 1899، سجل البنك الأهلي، أول سابقة مصرفية بإصدار أول عملة ورقية مصرية، حيث طبعت فئة الخمسين قرشا، ثم توالى إصدار فئات الجنيه والخمسة جنيهات.
وهذا الإنجاز لم يكن تقنيا فقط، بل سياسيًا واقتصاديا، إذ مثل خطوة نحو السيادة النقدية الكاملة، واستمر البنك في أداء هذا الدور حتى عام 1960، حين نقلت هذه المهام إلى البنك المركزي المصري.

شريك الدولة في التنمية الزراعية
بحلول عام 1902 وبسبب اتساع الطلب على التمويل الزراعي، شارك البنك الأهلي في تأسيس البنك الزراعي المصري لتلبية احتياجات الفلاحين وصغار المزارعين.
ولم يقتصر دوره على الإقراض، بل امتد إلى تنظيم أسواق القطن وتقديم حلول للأزمات الزراعية التي عصفت بمصر أوائل القرن العشرين.
من امتياز أجنبي إلى تمصير كامل
مرت رحلة تمصير البنك بمراحل تدريجية بدأت منذ الثلاثينيات، وتحديدًا بعد أزمة الكساد العالمي. وفي عام 1940 صدر مرسوم ملكي بتحويل أسهم البنك إلى أسهم اسمية مصرية وتدريج إدماج المصريين في مجلس الإدارة.
وفي عام 1951 حصل البنك على صفة البنك المركزي الفعلي، وبدأ بتنظيم السياسة النقدية، وفي عام 1960، وبعد قرار التأميم تحول البنك إلى مؤسسة عامة مملوكة بالكامل للدولة وفصلت مهامه المركزية عن أعماله التجارية.
في قلب الأزمات داعم للبلاد لا يتراجع
من الحرب العالمية الأولى إلى الثانية، ومن أزمة 1906 إلى الكساد الكبير عام 1929، كان البنك الأهلي الذراع المالي الأقوى للحكومة.
وتولى مهام إصدار أذون الخزانة، ومول محاصيل القطن وساهم في الرقابة على النقد الأجنبي، وظل شريكا ثابتًا في دعم الاقتصاد الوطني خلال الظروف الاستثنائية.
البنوك الأجنبية تغادر والمصرف الوطني يتوسع
بعد التأميم قاد البنك الأهلي عملية تمصير القطاع المصرفي، بشراء أصول خمسة بنوك أجنبية، حيث كان له دور مباشر في ترسيخ السيادة المالية وتعميق الثقة في الجهاز المصرفي المصري.
دعم الاقتصاد في كل المراحل السياسية
من فترة الانفتاح في السبعينيات، مرورا بإصلاحات التسعينيات التي رافقت الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وحتى برامج الإصلاح الكبرى في الألفية الجديدة، كان البنك الأهلي حجر الزاوية في السياسات الاقتصادية، ممولًا للميزانية بأساليب غير تضخمية، ومشاركًا رئيسيًا في ترشيد الطلب وتنمية السوق المصرفية.
شهادات وطنية ومبادرات تاريخية
في عام 1965، أطلق البنك شهادات الاستثمار بتفويض من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ثم عاد ليثبت ريادته في 2014 بإطلاق شهادات قناة السويس، التي جذبت المصريين لتمويل مشروع قومي كبير، وحصد البنك وحده نحو 55% من إجمالي الاكتتاب.
وخلال العاميين الماضيين، طرح البنك الأهلي شهادات ادخار بعائد 25%، و27.5%، وهو ما ساهم في جمع سيولة مالية ضخمة، أدت إلى تراجع التضخم في البلاد.

أكثر من مجرد بنك
لم يقتصر دور البنك على التمويل بل أصبح لاعبا أساسيًا في المسؤولية المجتمعية، بتخصيص نحو 8 مليارات جنيه خلال السنوات الست الأخيرة لدعم التعليم والصحة وتمكين الفئات الأضعف.
وحافظ البنك الأهلي على مكانته كأكبر بنك في مصر، سواء من حيث الحصة السوقية أو قوة قاعدة العملاء، كما تبنى البنك برامج رقمية ضخمة وأدخل تحسينات على البنية التحتية المصرفية ليواكب التحولات العالمية.
تمويل عملاق للاقتصاد والإنتاج المصري
في يونيو 2024، بلغ إجمالي المركز المالي للبنك نحو 5.2 تريليون جنيه، محتفظًا بحصة سوقية ضخمة تصل إلى 36.9% من السوق المصرفية المصرية، ما يعكس ثقته الراسخة لدى الأفراد والمؤسسات على حد سواء.
وعلى صعيد تمويل الشركات الكبرى، ضخ البنك تمويلات تجاوزت 2.77 تريليون جنيه، فيما بلغت إجمالي محفظة القروض نحو 3.3 تريليون جنيه، ما يؤكد دوره المحوري في دعم الصناعات الكبرى والبنية التحتية الاستراتيجية.
أما في قطاع التجزئة المصرفية، فقد حقق البنك أداءً لافتًا، حيث بلغت المحفظة 321 مليار جنيه، بينما خصص نحو 170 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة حتى يونيو 2024، في إطار سعيه لتوسيع قاعدة الإنتاج ودعم الاقتصاد غير الرسمي.
حقق البنك قفزة قوية في نتائجه المالية خلال عام 2023، حيث استطاع أن يعزز موقعه الريادي في السوق المصرفي المصري. وارتفع إجمالي أصوله إلى نحو 5.2 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2023، مقابل 4.4 تريليون جنيه في ديسمبر 2022، قبل أن يواصل مساره التصاعدي ليصل إلى 6.8 تريليون جنيه في يونيو 2024، بحصة سوقية بلغت 36.9%.
وفي مجال الودائع، نجح البنك في زيادة أرصدته إلى 3.7 تريليون جنيه بنهاية 2023 مقارنة بـ 3.2 تريليون جنيه في 2022، لترتفع لاحقًا إلى 4.3 تريليون جنيه في منتصف 2024، بدعم من تنوع المنتجات الادخارية المطروحة للعملاء بمزايا تنافسية، مما عزز من ثقة المتعاملين في البنك.
كما توسعت محفظة خدمات الأفراد، لتسجل 292 مليار جنيه في ديسمبر 2023 مقابل 227 مليار جنيه في العام السابق، وواصلت الارتفاع إلى 321 مليار جنيه بنهاية يونيو 2024، مستفيدة من سياسات الإقراض التي تلبي احتياجات الأفراد والشرائح المختلفة.

وعلى مستوى تمويل الشركات الكبرى، شهدت المحفظة، نموًا لافتًا، إذ قفزت من 1358 مليار جنيه في نهاية 2022 إلى 1956 مليار جنيه في نهاية 2023، وتجاوزت 2777 مليار جنيه في يونيو 2024، وهو ما يعكس الدور القوي للبنك في دعم الاقتصاد الوطني وتمويل الأنشطة الحيوية.
أما في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فبلغ إجمالي التمويلات الممنوحة 157 مليار جنيه في ديسمبر 2023، مقارنة بـ 143 مليار جنيه في ديسمبر 2022، لتستقر عند 170 مليار جنيه في يونيو 2024، استمرارًا لجهود البنك في دعم هذا القطاع الحيوي.
وتبعًا لهذا النشاط التمويلي القوي ارتفع إجمالي القروض الممنوحة إلى 2.4 تريليون جنيه في نهاية 2023، مقارنة بـ 1.7 تريليون جنيه في العام السابق، قبل أن تصل إلى 3.3 تريليون جنيه في يونيو 2024، بحصة سوقية بلغت 45.5%.
انتشار جغرافي وثقة جماهيرية
بعشرين مليون عميل، ووجود أكثر من 655 فرعًا ووحدة مصرفية منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، استطاع البنك الأهلي أن يكون قريبًا من المواطن، حاضرًا في كل قرية ومدينة، حاملاً معه أدوات التمويل، والخدمة، والنمو.
توثيق التراث وتخليد الدور الوطني
في 2023 احتفل البنك بمرور 125 عاما على إنشائه، بإطلاق مشروع شامل لتوثيق تاريخه تحت عنوان “إحياء تراث البنك الأهلي”، يتضمن مقالات ووثائق وصورا تؤرخ لواحدة من أعرق المؤسسات المصرفية في المنطقة.
مجلس إدارة البنك الأهلي الحالي
فيما يلي قائمة بأعضاء مجلس إدارة البنك الأهلي المصري وأدوارهم الوظيفية بشكل نقاط:


